• حين يقول لك العالِم الجليل: «واعلم» فمعنى ذلك أنه يُحضِّر وَعيَك وعقلَك، وينفي عنك الغفلة، ويقول لك: اسمع ما سيأتي بعد قولي: «واعلم» سماعَ ذي بصيرة.
• لا يَصِلُ علمُ العلماء إلى قلبك إلا بكلام العلماء أنفسِهم.. إذًا ما شأنُ الشُّرَّاح؟ وما شأنُ مجالس العلم كالتي في الأزهر؟! يا سيدي، هؤلاء يُنبِّهون ويَلْفِتُون، وعليك أنت أن تُتابع.
• تعقيبًا على مقولة البحتري في أبي العباس ثعلب، الواردة في الفقرة (293) والفقرة (314) قال شيخُنا: الحَزَازاتُ موجودة في التاريخ، وموجودة عند الكبار، فإذا وجدتَها بيننا فلا تنكرها؛ لأنها من طبائع النفوس؛ فحين تجد هذه الهسهسة الضعيفة بين البحتري الرائع الذي هو من أكابر شعرائنا وأبي العباس ثعلب الذي هو من أكابر علمائنا – فلا تنكرها، ولا تنكر أن توجد بيننا.
• حين كنت أقرأ قول الله تعالى: «يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ» أتعجَّب وأقول: يا ربي!! هل حرَّم سيدُنا رسولُ الله ما أحلَّه الله له ليُرضِيَ امرأتَه؟! عجيب!! حين أقرأ هذا عن بيت النبوة أقول إن الله – سبحانه وتعالى – يعلم أن هذا أكرمُ بيتٍ وأطهرُ بيت، ولكنه يقول لنا: تأكَّدوا أن النزعة البشرية موجودة في الناس مهما كانت، وأن الصراع والخلاف في الرأي موجود في الناس مهما كانت درجاتهم، وأنك إذا وجدت خلافًا ونزاعًا بين عليٍّ ومعاوية فلا يَنقص هذا عندك قَدْرَ عليٍّ ولا يَنقص قَدْرَ معاوية؛ لأن هذا من طبائع الناس.
• لا يُزعِجْك أبدًا أيُّ خلاف دار بين الصحابة، ولا يُزعِجْك أيضًا أن يقول الرسول صلى الله عليه وسلم لأزواجه: «إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا»؛ لأن الله يقول لك: عِشْ في الحياة وأنت مُسالِمٌ لها، وتوقَّع أنك سترى أخطاء، ولو كنت تريد أن تعيش في عالَمٍ خالٍ من الخطايا ومن النزاع ومن ضعف النفس البشرية فابحث عنه في كوكب آخر.
• تعليقًا على الفقرة رقم (315): لا أحسد الأصمعي، وإنما أحسد الزمن الذي كان فيه الأصمعي يطلبُ العلمَ وهو في سِنِّكم هذه بصحبة أبي عمرو بن العلاء وخلف الأحمر، وأنتم لا تعرفون أبا عمرو بن العلاء، أبو عمرو بن العلاء هو صاحبُ القول الفصل في قضايا العلم، ولا تعرفون خلفًا الأحمر، خلفٌ الأحمر الذي كان يقول شعرًا على لسان الجاهليين فيلتبس هذا على علماء الشعر.. الأصمعي كان يسير مع هؤلاء، فمع من تسير أنت الآن؟! أجب وانظر كم تَغيَّر الزمان.
• لاحظ أن خلفًا الأحمر من السَّبْي، ليس يَعْرُبيًّا ولا مِنْ ولد قحطان ولا من سادتنا الأعاريب، لا ، هو من السَّبْي، ولكن الثقافة العربية صَنعتْ يَعْرُبيًّا رائعًا مِن واحدٍ من السَّبْي، صَقَلتْ موهبةَ واحدٍ من السَّبْي وجعلته يُنازِع بسليقته الجاهليين، تمامًا كما صنعتْ سيبويه؛ هو فارسيٌّ ولكن لطُولِ مصاحبته للثقافة العربية صار صاحبَ سليقةٍ في العربية، وكذلك بشَّار؛ هو ليس عربيًّا ولكن صنعتْ منه الثقافةُ العربية أَعْرُبيًّا فوق الأعاريب.
• العروبة الحقيقية ليست عروبة جنس، هي عروبة جنس عند الذين يأكلون الخبز بالسياسة، ولكن العروبة الحقيقية هي عروبة اللسان والثقافة، ولذلك قالوا: مَنْ تكلم بلسان العربية فهو عربي.
• هناك أسماء إذا قرأتُها في الكتاب استعدَّتْ نفسي لسماع الكلام الأفضل، وللوقوع على شيء نفيس جدًّا؛ مثل أبي عمرو بن العلاء، والطِّيبي، والحسن بن علي بن أبي طالب.
• تعليقًا على الفقرة رقم (315): كنا منبهرين بأبي عمرو بن العلاء وخلف الأحمر والأصمعي يطلب العلم منهما، والآن أبو عمرو بن العلاء وخلف الأحمر يجلسان تلميذين عند بشَّار.. أرأيت كيف تَستقِي القممُ من القمم؟!
• بشَّار كان يعتزُّ بعِرْقِه الفارسي، ويرى أن قومه في الفرس هم قريش العجم، وكما أن لقريش الفضل في العرب كذلك لقوم بشار الفضل في العجم.
• افهموا: هل أنتم ناس بلحمكم ودمكم أو بعقولكم وثقافتكم وبصائركم؟! نحن الآن أمام الأصمعي وهو طفل صغير ويصحب أبا عمرو بن العلاء وخلفًا الأحمر، وهؤلاء الثلاثة جميعًا يذهبون للجلوس إلى بشَّار والتعلُّم منه.
• خلف الأحمر كان يجلس إلى بشَّار ليتعلَّم منه مع أنه كان يقول شعرًا على لسان الجاهليين ربما لا يستطيع بشَّارٌ أن يقولَه، ولكن هذا هو شأن القمم التي تُقارِب القِممَ وتأخذ عنها وتَسْتقِي من مائها.
• ابحث في كلام الناس عن فكر الناس، لا بد أن تبحث في كلام السادة عن عقل السادة، وإلا ستعيش طوال عمرك مُعطَّلاً.
• ونحن في سِنِّكم كنا نسمع عن «رُوَّاد النهضة» ولا نجد نهضة، فإذا تساءلتَ عن النهضة ضُرِبْتَ بالسِّياط.
• «رُوَّاد النهضة» كان يعطوننا مغالطات غير معقولة، ثم إننا الآن لا يزال عندنا «رُوَّاد نهضة».
2 comments
كل يصب من سراج واحد
بوركت جهودك
كلام جميل
ماشاء الله تبارك الله