لقد شهد العالم البشري تطورات كثيرة في عالم التكنولوجيا ،آخر هذه التطورات مايعرف بالذكاء الاصطناعي،فما قصة هذا الابتكار وكيف نستفيد منه وهل يعتبر خطرًا علينا؟
سنحاول في هذا المقال التعريف بهذا الابتكار وسنذكر مجالات استعماله وكيف نتعامل معه كمسلمين.
الذكاء الاصطناعي :هو قدرة الآلة على تقليد السلوك البشري ،والقيام بالمهام التي يقوم بها البشر بمستوى يساوي لهم وربما أفضل منهم، وهذه المهام تتمحور حول المهام الذهنية كالتفكير والمنطق وحل المشكلات، وأهم من ذلك اتخاذ القرارات بشكل ذاتي.
لقد صار الذكاء يغزو كل المجالات مثل الرعاية الصحية والصناعة والزراعة والتجارة الالكترونية والألعاب والترفيه وأنظمة النقل والمواصلات والأمن غير ذلك.
بصفتي مسلم، كيف أتعامل مع الذكاء الاصطناعي؟
وكيف أستفيد من الذكاء الاصطناعي ؟
الذكاء الاصطناعي كغيره من الابتكارات البشرية نستفيد منه في تسهيل حياتنا اليومية ،فالله عزوجل هو الذي سخر لنا كل مافي هذه الأرض.
قال تعالى: { وسخر لكم مافي السموات ومافي الأرض جميعًا منه }
ويمكن الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في أربع مجالات أساسية:
الجانب الدنيوي كالجانب الصحي والتجاري والمالي ،وفي المجال التعليمي كتعلم العلوم واللغات والمهارات ،وفي الجانب الخيري أيضًا من خلال استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في فهم الحاجات الإنسانية وتسريع الاستجابة للأزمات.
والجانب الرابع والأهم وهو المجال الدعوي ،فلابد على الدعاة والمؤسسات الدعوية بالمسارعة في استيعاب وفهم أدوات الذكاء الاصطناعي وتوظيفها في الدعوة إلى الله ،ومن أجل إيصال دين الله تعالى إلى كافة الناس.
هناك نقطة مهمة يجب أن لا نغفلها ،بمجرد دخول الذكاء الاصطناعي في حياتنا ،صار الحديث عن أن الذكاء الاصطناعي سيقضي على الكثير من الوظائف بحسب تصريحات المنتدى الاقتصادي العالمي وأنه سيصبح منافسًا شرسًا للبشر.
لا تنس أخي أنك مسلم والمسلم يؤمن أن الرزق من الله تعالى، فيتوكل على الله ويقدم بالأسباب ورزقه سيأتيه ولن يأخذه منه لا الذكاء الاصطناعي ولا غيره .
قال تعالى :{وفي السماء رزقكم وماتوعدون} هذي هي عقيدتنا وهذا هو حسن ظننا بربنا.
النقطة الثالثة ،مع تفجر هذا الذكاء الاصطناعي سيتوجه المسلمون إلى هذه التقنية لأخذ الفتوى السريعة المريحة.
آسف فالفتوى علم مبني على أصول وقواعد ،وهو علم قائم على معرفة القرآن والسنة وفهمهما وتفسيرها بطريقة دقيقة وصحيحة مع معرفة أقوال العلماء ومصادر التشريع مع مراعاة حال المستفتي الذي يسأل ومعرفة البلد الذي يعيش فيه ،أما الذكاء الاصطناعي فلا يمكنه فهم القرآن والسنة ولا تفسيرهما بطريقة صحيحة ولا تمييز حال المستفتي
ومذهبه ولا ثقافة بلده؛ لذلك الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الفتوى يمكن أن يؤدي إلى التشويش والتضليل.
فيجب على المسلم أن يحترز لدينه وأن يأخذه من مصادره الصحيحة ومن أهل العلم الثقة ،قال تعالى: {فاسألو أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون }
فإن لم تجد فاستعن بالمواقع الموثوقة
التي تقوم عليها جهات علمية معروفة ،كما يقول ابن سيرين :(إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم)
الذكاء الاصطناعي لا يفرق ولا يمحص بل يجمع لك الغث والسمين والصالح والفاسد.
بل قد يؤثر على القيم والمبادئ والدين ويوجه الناس للتفكير فيها بشكل معين
فعلى المسلم التثبت قبل نشر أي معلومة من خلال الذكاء الاصطناعي ،حتى لا يكون معينًا على نشر الباطل خصوصًا مع سهولة فبركة الأخبار والصور والأصوات .
فتتم الفبركة بدقة عالية ،بحيث إذا شاهدت صورة أو فيديو ،لا تشك أبدًا أن هذا مفبرك ،ومع هذه الإمكانيات الكبيرة من الفبركة والكذب والافتراء يتأكد التثبت عليك ويصبح دينًا على رقبتك.
إذا وصلتك صورة ،أو معلومة أو مقطع فيديو أو محادثة صوتية يجب عليك أن تتثبت منها وتدقق فيها قبل أن تتحدث بها أو تنشرها ،عملا بقوله تعالى: { يأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة ،فتصبحوا على مافعلتم نادمين}
أما إذا كان الخبر متعلقًا بالأعراض فكن الرجل النبيل الذي ينقطع عنده الخبر ويأبى أن يكون جسرًا لنشر الفضيحة وهتك الستر .
وآخر نقطة نختم بها وهي متعلقة بالجانب العقائدي وهي أخطر من كل ماسبق ،وهي أن الغربيين يتحدثون رجمًا بالغيب عن نهاية العالم عن طريق حرب نووية أو عن طريق الذكاء الاصطناعي الذي سيقضي على البشر الذين سيهجرون إلى كوكب آخر !!،ونحن كمسلمين نعلم أن هذا هراء ومخالف لكلام ربنا عز وجل الذي قال { منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى} ،أي أننا سنعيش على هذه الأرض وسندفن فيها وسنبعث منها.
ونحن نعلم كيف ستكون نهاية العالم بدءًا بأشراط الساعة الصغرى ثم الكبرى إلى أن يأذن الله بقيام الساعة ،ولن تنتهي الحياة على الأرض بغزو آلي أو حرب نووية كما يوهمنا الغرب بعقيدته الفاسدة.
ختاما نؤكد على أهمية استخدام مشاريع الذكاء الاصطناعي فيما يسهل حياة المسلمين ويجعلها تعمل طوعا لحسابه وليس ضده، وذلك ضمن ضوابط شرعية
وأخلاقية والله الموفق والهادي.